حرق مجسمات للاجئين في أيرلندا يثير الجدل.. ومخاوف من تفشي العنصرية

حرق مجسمات للاجئين في أيرلندا يثير الجدل.. ومخاوف من تفشي العنصرية
حرق مجسمات للاجئين في أيرلندا

أشعل محتفلون موالون في قرية مويغاشيل بمقاطعة تايرون، مجسمات للاجئين داخل قارب خلال احتفال سنوي مثير للجدل، في واقعة أثارت موجة إدانات سياسية وأمنية وحقوقية داخل أيرلندا الشمالية وخارجها.

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة للحريق الذي التهم قاربًا خشبيًا يحمل اثني عشر مجسمًا أسود البشرة، يرتدون سترات نجاة، في إشارة رمزية إلى المهاجرين القادمين عبر القنال الإنجليزي، ووضعت لافتات أسفل المجسمات تحمل شعارات مثل: "أوقفوا القوارب" و"المحاربون القدامى قبل اللاجئين"، بحسب ما ذكر موقع "يورو نيوز" الأوروبي، اليوم السبت.

خلّف المشهد صدمة واسعة، خاصة بعد تأكيد شرطة أيرلندا الشمالية أنها تحقق رسميًا في الحادث باعتباره "جريمة كراهية"، بينما طالب مسؤولون محليون بتفكيك النصب وإيقاف إشعال الحريق. 

ورغم ذلك، اشتعلت النيران وسط تهليل الحشود، في مشهد وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "كراهية بغيضة تُجرد الناس من إنسانيتهم".

إدانة وتحذيرات أمنية

تزامنت الحادثة مع تصاعد التوترات المجتمعية ضد المهاجرين في المنطقة، بعد سلسلة احتجاجات وأعمال عنف شهدتها بالي مينا الشهر الماضي، وهو ما دفع شرطة أيرلندا الشمالية إلى تعزيز الرقابة الأمنية تحسبًا لأعمال انتقامية أو هجمات على مساكن اللاجئين.

وندد وزير الصحة في أيرلندا الشمالية، مايك نيسبيت، بما وصفه "مشهدًا مقززًا لا يليق بأي تقليد ثقافي". من جانبه، دعا باتريك كورغان، مدير منظمة العفو في أيرلندا الشمالية، إلى محاسبة المسؤولين، مؤكدًا أن العرض يبعث برسالة "خطِرة وصادمة" إلى مجتمعات اللاجئين الذين يعيشون تحت ضغط متزايد.

وحذّرت السلطات البيئية بدورها من إشعال حريق آخر في بلفاست، بسبب قربه من مواد سامة كمادة الأسبستوس، فضلًا عن موقعه بجوار محطة كهرباء تغذي مستشفيين. ودعا وزير البيئة أندرو موير المواطنين إلى تجنّب الحضور، حفاظًا على السلامة العامة.

انقسام بين الفن والتطرف

دافع بعض النشطاء الموالين عن الحريق، وعدّوه شكلاً من أشكال "الاحتجاج الفني"، حيث أكد الناشط جيمي برايسون أن احتفالات مويغاشيل تحمل طابعًا سياسيًا سنويًا، وكان تركيز هذا العام على ما وصفه بـ"فضيحة الهجرة غير القانونية". 

لكنه لم ينجُ من الانتقادات، إذ اتهمه ناشطون بالمشاركة في تأجيج الكراهية ضد اللاجئين وإضفاء شرعية ثقافية على التطرف المجتمعي.

وصفت حركة سين فين السماح بإشعال الحريق بأنه "استسلام لحكم العصابات"، خاصة بعد امتناع الشرطة عن التدخل لإزالته في موقع آخر ببلفاست، عقب تهديدات صريحة من جماعات شبه عسكرية بإثارة اضطرابات إذا تم تفكيك المجسمات.

ورغم قرارات السلطات المحلية، قررت الشرطة اتخاذ موقف حذر، تفاديًا لتكرار موجات عنف سابقة شهدتها العاصمة الأيرلندية، حيث تسبب نزاع طائفي وعرقي خلال السنوات الماضية في توترات واسعة النطاق.

تصاعد العنصرية 

جاء الحريق وسط بيئة سياسية محتقنة في بريطانيا، حيث تتصاعد النقاشات حول الهجرة غير النظامية وعبور اللاجئين عبر القنال الإنجليزي، وهي القضية التي شكّلت محورًا انتخابيًا بارزًا في الانتخابات البريطانية الأخيرة.

وتصاعدت الدعوات في أيرلندا الشمالية لحظر استخدام المجسمات العنصرية أو الرمزية في الاحتفالات الموالية، واعتبارها تجاوزًا لمبادئ حرية التعبير، بعد أن تحوّلت بعض هذه الاحتفالات إلى منصات لنشر خطابات الكراهية والتمييز ضد الأقليات والمهاجرين.

ورغم الطبيعة الرمزية للحريق، فإن الحدث كسر حاجز الصمت بشأن معاناة اللاجئين وتزايد استهدافهم، في وقت بات فيه التعايش في أيرلندا الشمالية أمام اختبار جديد، بين ثقافة التقاليد من جهة، وقيم الإنسانية والتعددية من جهة أخرى.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية